الأربعاء، 28 أبريل 2010

مصر وحزب الله .. دبلوماسية غير معهودة وأحكام غير مسبوقة !

فى الرابع والعشرين من أبريل الحالى وفى زيارة سريعة الى بيروت أدلى أحمد أبوالغيط وزير الخارجية المصرى بتصريحات لاقت استغرابا من الجميع حيث أن الوزير علق -وعلى غير عادته - على مزاعم امريكية و"اسرائيلية "بتهريب صواريخ سكود من الدولة السورية الى حزب الله اللبنانى واصفا إياها بأنها " أكاذيب تدعو إلى الضحك "، منبع الاستغراب هو أن أبو الغيط عرف دائما بتبنيه مواقف معادية الى ابعد مدى لما يسمى محور المقاومة فى المنطقة بكل مكوناته بدءأ من المقاومة فى فلسطين المحتلة مرورا بالمقاومة اللبنانية ووصولا الى ايران ।

يوم أن أدلى أبوالغيط بهذه التصريحات تحدث المراقبون عن تحركات خلف الكواليس تهدف الى تقريب وجهات النظر بين مصر من ناحية وبين حزب الله من ناحية أخرى ، إلا ان هذه التحليلات - أو لنقل التكهنات -اصطدمت بحاجز الأحكام التى صدرت اليوم 28 ابريل على أعضاء ما يسمى " خلية حزب الله " فى مصر ।

صدرت الاحكام التى وصفت بالقاسية والمشددة عن محكمة استثنائية وهى محكمة امن الدولة العليا بالسجن المؤبد لثلاثة متهمين والسجن لمدة 15 عاما لثلاثة أخرين ، أما باقى اعضاء "الخلية " البالغ عددهم 20 متهما فقد صدرت بحقهم احكام بالسجن تتراوح بين 10 سنوات الى ستة أشهر ।
المتهمون الذين اعتقل منهم 22 شخصا فقط فى اواخر عام2008 ابان الحرب الصهيونية على غزة كان قد وجه اليهم تهم تتضمن "التخطيط لاغتيالات والتخطيط لاعتداءات ضد مواقع سياحية مصرية وسفن تعبر قناة السويس لحساب حزب الله "ـ
جدير بالذكر أن حزب الله قد أقر على لسان أمينه العام غير مرة أن هذه المجموعة كانت تقدم الدعم "اللوجيستى " للمقاومة الفلسطينية أثناء حرب 2008 / 2009 على غزة .
وعلى الرغم من ان "الخلية " المكونة من ستة وعشرين عضوا هم خمسة فلسطينيين وسودانى و18 مصريا بالاضاقة الى لبنانيين فقط الا ان هذه القضية ومنذ البداية أحدثت شرخا كبيرا آخذ فى الاتساع بين النظام المصرى وحزب الله كما القت القضية بظلالها على العلاقات المصرية الايرانية والتى أزدادت - على إثرها - فتورا على فتور .
لا يكاد يختلف اثنان على أن القضية سياسية بامتياز هدف النظام المصرى من ورائها المساس بصورة حزب الله التى ازدادت بياضا بعد حرب صيف 2006 والضغط على الجمهورية الاسلامية فى ايران فيما يتعلق بدورها الآخذ فى الاتساع فى المنطقة عن طريق دعمها للحركات المقاومة .
والسؤال يبقى ، هل ينجح النظام المصرى فى تحقيق هدفه ويتراجع المحور المقاوم لصالح نقيضه المعتدل ، أم أن قابل الأيام سيكشف لنا ما قد يعيد الأمور الى مربعها الأول ؟

السبت، 10 أبريل 2010

يوم تكلم الشعب ثانية ...

زهاء المائة قتيل هو كل ما لزم لتحرير ارادة الشعب وخلع الرئيس كرمان بك باكييف من رئاسة الجمهورية القرغيزية । باكييف الذى اعتلى سدة الرئاسة بعد فوزه فى الانتخابات التى أجريت فى عام 2005 والتى نتجت عن ثورة شعبية (عرفت بثورة السوسن ) نجحت فى عزل الرئيس - آنذاك – عسكر أكاييف الذى حكم البلاد منذ عام 1990 م ، الا أن سنوات كرمان بك باكييف فى الحكم لم تكن مستقرة تماما حيث بدأت بوادر الأزمة فى عام 2006 حين تصاعدت أزمة الاصلاحات الدستورية حيث نجح البرلمان فى اقرار دستور جديد للبلاد يوسع من صلاحيات البرلمان والحكومة على حساب صلاحيات الرئيس ، إلا أنه وبعد أن اقرت التعديلات واستقالت الحكومة لم يقم الرئيس بحل البرلمان كما كان متوقعا بل قام بالغاء التعديلات المقرة سلفا ليعيد لرئاسة الجمهورية ماكان قد سلب منها من صلاحيات فى التعديل السابق وليقر بذلك فى يناير 2007 دستورا جديدا يزيد من التوتر القائم على الساحة .
سبب آخر عجل بالحسم وهو الفساد الادارى والمحسوبية فى تولى المناصب الهامة والحساسة فى الدولة ومثال ذلك اسناد قيادة جهاز الأمن الوطنى الى نجل الرئيس البكر ،كما أسند جهاز التنمية والاستثمارات والمبتكرات الى ابنه الآخر .
خرج المحتجون وتوالت المظاهرات ، والنتيجة أن استولى المتظاهرون على المقار الحساسة فى الدولة كالتلفزيون والبرلمان وقصر الرئاسة ثم اعلنت استقالة الحكومة وهرب الرئيس الى مسقط رأسه فى جنوب البلاد لتأتى الخطوة الأخيرة باعلان حكومة انتقالية برئاسة زعيمة المعارضة روزا أوتونباييفا تتولى ادارة شئون البلاد لحين اجراء الانتخابات .
فى هذه الأثناء كانت اجهزة الامن فى بلد آخر يشهد حالة من شبه الحراك الشعبى وهو مصر تتربص بمظاهرات مزمعة تقوم بها حركة 6 أبريل للمطالبة بتعديل الدستور ودعما للبرادعى ، تعامل الأمن بقسوة غير معهودة (تجاه شباب 6 أبريل ) ضد هذه المظاهرة طالت الإعلاميين والصحفيين حيث قام بفض المظاهرة بالقوة واخلاء ميدان التحرير من أى مظاهر احتجاج ناهيك عن منع المتظاهرين من الوصول الى مجلس الشعب حيث كان مقررا أن تلتئم المظاهرة بالإضافة الى اعتقال عدد من المتظاهرين افرج عنهم لاحقا بأمر من النائب العام.
وعلى الرغم من ان حركة 6 أبريل لا تمثل الرأى العام المعارض فى مصرجميعه أو على الأقل غالبيته وليست واحدة من التيارات السياسية العريقة الا أن الرابط الزمنى بين أحداث قرغيزيا وأحداث ميدان التحرير بالقاهرة هو ما دفعنا الى المقاربة بين الأوضاع فى كلا البلدين ؛ فقرغيزيا التى استقلت عن الاتحاد السوفيتى فى 1990 م شهدت منذاستقلالها ثورتين شعبيتين أطاحتا برئيسى البلاد ، كما أن تعامل الامن القرغيزى لم يكن بهذه القسوة التى يتعامل بها الامن المصرى مع أى شكل من أشكال المعارضة للنظام ؛ اما بالنسبة لمصر التى تحولت الى جمهورية فى منتصف القرن الماضى فانها تشهد استقرارا فى الحكم الى حد كبير على الرغم من حالة من الغليان تكتنف البلاد على المستوى الشعبى الا ان هذا الغليان لم ينجح فى تغيير الوقائع بفضل السيطرة الأمنية المحكمة على البلاد وما أفرزتها من قدرة على التعامل مع أى تحرك شعبى قد يبدو فى غير صالح النظام الحاكم .
وتبقى المفارقة وحدها باعثة للأمل عل مصر تشهدعما قريب نسختها الخاصة من الرواية القرغيزية ليخلع رئيسها وولديه كما خلع باكييف وولديه .
Powered By Blogger

الساعة الآن

دفتر التشريفات